لا تقضِ على روح حيّة: عن حكم الجماعة ومنع فرص الارتقاء!
هذه المقالة تتكلّم بصراحة عن ظاهرة نبذ الفرد مجتمعياً، و تأثيرها على مسارات ارتقاء الفرد، وكيف يمكن تحويلها إلى فرصة للشفاء والنمو دونما تعقيدات.
مقدمة
عندما يتفق جمهورٌ على أن شخصًا ما «سيء» أو «شرّير» أو «لايستحق الرحمة» أو «ميئوس منه» …الخ
،يتشكل حوله حشدٌ من الطاقة السلبية تضغط عليه.
هذا الضغط لا يهدف دائمًا إلى الإصلاح, غالبًا ما يكون مرأةً لرهابٍ جماعي أو إسقاطاً فردياً أو رغبةٍ في توحيد صفوف مجموعة ما عبر وضع «عدو» مشترك.
النتيجة؟
إما انعطاف مؤقت في سلوك الشخص المقصود، أو انحدار دائم إذا استسلم لصورة الذات التي فُرضت عليه.(وبعض الأحيان قد ينجو منها اذا لم يهتم بهذه الحملة و لم يلقي لها بالاً).
لماذا يجري هذا؟
1. الخوف من التباين: الجماعات تَميل للتجانس، و المتّميز دائماً يُثير القلق.
2. الإسقاط الجماعي:حيث تُسقط المجموعة ما تخشاه أو ترفضه في شخص واحد.
كل عنصرٍ من هذه العناصر يضخ طاقةً سلبيةً باتجاه الهدف، ويجعل من الصعب رؤية الحقيقة..أو التعاطف..
ماذا يحدث للشخص الموبوء اجتماعيًا؟
فقدان مرآة النقد البناء:بدلًا من أن يتلقى دعمًا للتغيير، يتعرّض للعزل.
تعزيز الهوية السلبية: تبدأ الذات بالاستجابة للتسمية فتُصبح جزءًا من هوية الفرد.
إغلاق قنوات الارتقاء:لا لأن الباب مغلق، بل لأن ضغط المجتمع جعله يظن أنه غير مستحق.
وهنا يكمن الخطر الأكبر :المجتمع لا يقتل الروح....المجتمع قد يقتل فرصة إرتقاء الروح !وذلك عبر إقناعها بالاستسلام و الرضوخ لما يفرضه عليها !
لماذا يجب ترك باب الإرتقاء و الإصلاح مفتوحًا؟
الشرط الوحيد لوجود فرصة لإرتقاء شخص ما هو استمرار وجود الروح بداخله.
لا توجد وصاية نهائية على الارتقاء.
حتى أقلّ البشر وعيًا يملك فرصة للإرتقاء إذا وجد محفِّزًا داخليًا أو خارجيًا.
كيف يتصرف المراقب الواعي؟
1. الحياد النشط: لا يعني البقاء صامتًا أمام الظلم، بل يعني الامتناع عن الانضمام إلى حملة الهدم الجماعي..استمع،. اجمع معلوماتك،.ثم قرّر بنزاهة.
2. المساءلة بحكمة: يمكن مساءلة السلوك دون تزكية الإهانة أو النبذ. اجعل النقاش حول الفعل، لا تشويه الشخص.
3. حماية طاقتك: المشاركة في التجنّب الجماعي تستنزفك. حدّد موقفك بوضوح وبصراحة قصيرة تخرجه من اللعبة.
4. إعادة النظر !اسأل: «ما الذي لا نعلمه؟» و«ما الذي يدعمه هذا الشخص في داخله؟» أسئلة تعيد الإنسانية للمشهد.و دائماً اقطع الشك باليقين.
خاتمة
الحكم الجماعي ظاهرة قد تكون سريعة وبليغة، لكنها ليست دائما الطريق الواعي.
إن فهم الآليات وراءه، واتخاذ مواقف حيادية تجاهه هو أفضل خيار يتخذه الفرد قبل المجتمع..وذلك لإعطاء فرصة للإصلاح و لفتح مجالاً للإرتقاء للفرد ،بدلاً من غلقه كلياً.
ليس الهدف التبرير أو التغاضي عن الأخطاء، بل الحفاظ على أرض إنسانية قابلة للإصلاح و الإرتقاء.
و تذكرّ ان الله يفرح بتوبة العبد مراراً و تكراراً ولايمل من أخطاءه ولايغلق في وجهه الأبواب ويمحو ذنوبه دائماً طالما يستغفر..
فلماذا نغلق نحن الأبواب على بعضنا البعض و نقسو على أنفسنا وننظر الى أخطاء الغير و ننسى أنفسنا وكأننا ملائكة لانخطئ أبداً !
خلاصة:
قد تكون اليوم ضمن أصوات مجتمع يدين شخصًا ما،
لكن غدًا ربما تجد نفسك أنت الهدف لحملة حكم جماعية قاسية و غير عادلة..
فاختر الحكمة و الإنصاف، واترك باب الإرتقاء دائما مفتوح.
انتهى،